هل هناك حقاً ثقافة جنسية للأطفال؟ وهل أغفل القرآن هذا الموضوع المهم؟ وهل أهمل النبي الكريم موضوع التربية الجنسية.. دعونا نجيب عن هذه الأسئلة....
العنف الجنسي يدمر الغرب
بعد تزايد عدد حالات الاغتصاب وتكرار حوادث العنف الجنسي في الدول الغربية، وبعد ازدياد حالات زنا المحارم بشكل مرعب لدرجة أنك لا تكاد تجد فتاة في الدول الغربية لم تتعرض للاغتصاب أو العنف الجنسي أو التحرش على أقل تقدير.. وبالتالي يطالب عدد من علماء النفس بإدخال مقرر الثقافة الجنسية لأطفال المدارس، بهدف زيادة الوعي بمخاطر انتشار الزنا والتحذير من العواقب الوخيمة المتمثلة في انتشار الأمراض الجنسية المعدية بشكل مرعب لدى الشباب والفتيات..
ومن هنا بدأ بعض الباحثين المسلمين ينادون بضرورة إدخال منهج الثقافة الجنسية لتدريسه لأطفال المسلمين.. والمطالبة بتقليد الدول الغربية المتطورة على أمل أن يتطور المسلمون مثلهم.. وفي هذه المقالة سوف نلقي الضوء على أن أفضل مقرر للثقافة الجنسية نجده في القرآن الكريم.. ربما يعجب البعض من ذلك.. ولكن دعونا نتأمل كيف عالج القرآن هذه القضية.
الأطفال ومنذ نعومة أظفارهم ينشأون في البلاد الإسلامية – هكذا يفترض – على تعاليم القرآن وأحاديث النبي الكريم.. ومن المفترض أن يكبر الطفل المسلم وقد نشأ على الاستماع للقرآن الكريم حتى يكون مألوفاً بالنسبه له عندما يكبر..
لذلك تنمو الثقافة الجنسية لدى الطف المسلم من دون أن يشعر بذلك ويميز بين الحلال والحرام.. ويميز مخاطر الفاحشة والشذوذ الجنسي.. لذلك نجد أقل نسبة للشذوذ الجنسي في البلدان الإسلامية وذلك بفعل التعاليم القوية للقرآن والسنة..
مناهج التربية الجنسية
في الدول الغربية تقوم المناهج على الإلحاد والتطور.. فالإنسان ما هو إلا حيوان وُجد بالمصادفة على كوكب الأرض.. تطور عن قرد أو ما يشبه القرد واكتسب غريزة الجنس عبر ملايين السنين وبفعل التطور وبالتالي ليس هناك حلال أو حرام أو عقاب.. المصلحة هي التي تتحكم في ذلك، فإذا كان هناك ضرر من ممارسة الزنا فيجب التحذير منه، وإذا لم يكن هناك ضرر فلا مشكلة يمكنك أن تفعل ما تشاء!!
إن التحذير من الزنا فقط لتفادي الأمراض الجنسية، وليس لأنه شيء سيء بذاته.. وبالتالي كل الأبحاث والتحذيرات فشلت في منع الناس من ارتكاب جرائم الزنا والشذوذ الجنسي.. لأنه لا توجد عقوبة في الآخرة، وبالتالي يزدادون في جرائمهم وأفعالهم الفاحشة ولا يلتفتون لأقوال العلماء أو المفكرين.. وهذا هو واقع الدول غير الإسلامية اليوم.
الثقافة الجنسية في الغرب
تعتمد مقررات الثقافة الجنسية في الدول العلمانية أو الإلحادية على تعريف الأطفال بالأعضاء الجنسية وتشجيعهم على الحديث في مسائل الجنس والمتعة الجنسية ومواضع أخرى مثل الحمل والاغتصاب وتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن أي تعرض لعنف جنسي... وهكذا حتى يصبح الطف مهيأً لتقبل الزنا والشذوذ الجنسي ولكن بشرط ألا يحدث أي أضرار مادية أو معنوية.
في هذه المقررات، الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية تعتبر عملية طبيعية جداً وتُدرس على أنها خيار للإنسان إما أن يكون مختلف الجنس أو مثلي الجنس وهذه حرية شخصية.. وبالتالي فإن هذا يشجع الأطفال الصغار على تقبل أن تُفعل بهم الفاحشة.. وبالتالي نجد أكبر نسبة للمثليين في الدول الأكثر تطوراً والتي تُعنى بمثل هذه المقررات وتدرسها وتهتم بها.
ما يسمى بالتربية الجنسية في الغرب (وهي أبعد ما يكون عن التربية) تعتمد أساساً على كسر حاجز الخجل والحياء، وكما نعلم فإن الحياء هو أحد أسس الأخلاق الإسلامية حتى إن نبينا عليه السلام يقول: (الحياء من الإيمان)، ولذلك أول خطوة يقومون بها في هذه المناهج هي إثارة الغرائز لدى الطفل وجعل العمل الجنسي شيئاً مألوفاً بالنسبة له.. وهذا ما ينعكس سلبياً عليه عندما يكبر ليجد أن الزنا أصبح شيئاً اعتيادياً وطبيعياً ومألوفاً..
ولذلك فإن وضع هذه المقررات لم يحل المشكلة بل زادها تعقيداً.. ولم يحدّ من ممارسة الفاحشة بل زادت النسبة بصورة مرعبة.. وإليكم بعض الإحصائيات الحديثة للعنف الجنسي في هذه الدول المتقدمة:
حسب وزارة العدل الأمريكية فإن 300 ألف امرأة تُغتصب كل عام في أمريكا. مع العلم أن 54 % من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، وبالتالي فإن العدد الحقيقي أكثر بكثير...
احتمال اغتصاب أي امرأة في أمريكا تبلغ 20 %
أي فتاة تدخل الجامعة فإن احتمال أن يتم اغتصابها تبلغ 20 % - 25 % ...
تصوروا معي بلداً هو الأكثر تطوراً (الولايات المتحدة الأمريكية) فإنه كل دقيقتين هناك جريمة اغتصاب في مكان ما.. إن هذه النسبة تؤكد فشل الإلحاد والعلمانية في حماية المجتمع من هذه الظاهرة المدمرة.
في بلد هو الأكثر تطوراً نجد أن المرأة مهددة بالاغتصاب في أي لحظة وفي أي مكان.. فالإحصائيات الرسمية تؤكد أن 20 % من نساء أمريكا تعرضن للاغتصاب.. على الأقل مرة واحدة في حياتهن.
في أمريكا هناك من 25 – 30 % من الفتيات أصغر من 18 عاماً يتعرضن للعنف الجنسي.. كذلك هناك من 15-20 % من الذكور يتعرضوا للعنف الجنسي قبل سن 18 عاماً.. إنها نسبة مرعبة بالفعل (America Has an Incest Problem, 24-1-2013 - theatlantic.com ).. ولكن المفاجأة أن النسبة الغالبة من هذه الاعتداءات الجنسية تحدث ضمن الأسرة (أو ما يسمى بزنا المحارم).
ويؤكد المقال المنشور على موقع theatlantic أن هذه النسبة معروفة جيداً لدى المتخصصين الذين يؤكدون أن زنا المحارم أصبح ظاهرة تجتاح المجتمع الأمريكي والأوربي، ولكن نادراً ما يتم الحديث عنها لأنها ظاهرة مدمرة بالفعل...
فتأملوا معي الحال الذي وصلت إليه هذه المجتمعات المتطورة التي اتخذت من العلمانية والإلحاد أسلوباً لحياتها... فالحمد لله على نعمة الإسلام..
ولذلك فإن ما يسمى بالتربية الجنسية لديهم كانت وبالاً على الأطفال بدلاً من إنقاذهم...
الثقافة الجنسية في القرآن
أول ما يجده الطفل في القرآن من ثقافة جنسية هي الآيات التي تحذره من مخاطر الزنا.. (وَ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَ سَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].. إن هذه الآية تفعل مفعول السحر في الطفل، حيث يصبح لديه حذر شديد من الزنا، وبالطبع فإن الطفل يسأل أهله ما هو الزنا فيقوم الأهل بتعريفه بأنه شيء سيء عندما يقوم الرجل بالجلوس مع امرأة غير زوجته ويستمتع بها.. وهكذا يأخذ الطفل فكرة عن مخاطر الزنا وأنه من أسوأ الطرق التي يمكن أن يسلكها.
ولكن القرآن لا يترك الطف حائراً بل يعطيه الطريق الطبيعي وهو الزواج.. قال تعالى: (وَ مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].. فهذه الآية تحفز في دماغ الطفل تقبل الزواج كوضع طبيعي ورفض الزنا والشذوذ باعتباره مخالف للفطرة السليمة ويعرض من يرتكبه لغضب الله تعالى.
في القرآن الكريم، المثلية الجنسية هي جريمة خطيرة تخالف الفطرة وتجلب غضب الله، وعقوبته بأشد أنواع العذاب.. قال تعالى عن قوم لوط الذين كانوا يمارسون "المثلية" : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَ أَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) [هود: 82].. فهذه الآية تحدث ردة فعل قوية داخل الطفل فينشأ نشأة طبيعية متجنباً أي شهوات في المستقبل وبالتالي تكون هذه الآيات بمثابة وقاية للشاب من الانحراف، لأنه يدرك أن العقوبة أكبر بكثير مما يتصور.
حتى إن القرآن الكريم يعلمنا الطريقة الصحيحة للمعاشرة الزوجية من دون أن يخدش الحياء أو يأتي بألفاظ مثيرة للشهوة.. قال تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223]، هذه الآية تعطي الطفل فكرة عن أن المرأة بالنسبة للرجل هي بمثابة الأرض التي يزرعها فلا يلقي فيها إلا ما يحب.. لأن الأرض تعطي ما تزرعه فيها، وبالتالي فإن ماء الرجل هو شيء غالي ونفيس وليس رخيصاً فلا يضعه في أي مكان آخر.. بل يتجنب الزنا وينتظر حتى يكرمه الله بزوجة صالحة..
القرآن دائماً يضع عينيك على المستقبل.. يقول لك إن الممارسة الجنسية ليس متعة فقط، بل هناك هدف عظيم يشبه حراثة الأرض.. حيث إن الذي يحرث أرضه ويضع فيها البذور.. ليس هدفه مجرد وضع هذه البذور بل الانتظار حتى حصاد الموسم والاستفادة من المزروعات والثمار.. كذلك الهدف من العملية الجنسية هو إنجاب الذرية الصالحة...
هنا تعبير رائع في القرآن عن طريقة المعاشرة الزوجية بألفاظ رائعة تعلم الطفل الحياء والأدب واللباقة.. قال تعالى: (وَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].. تأملوا معي هذا الأسلوب الراقي: (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)، وهنا يفهم الطفل أن زواجه سيكون كما أمر الله، وأن الطهارة هي أساس هذا الزواج، لأن الله يحب المتطهرين.. وأن أي عادات سيئة في المعاشرة الزوجية محرمة (مثل الإتيان من الدبر..) وبالتالي يأخذ فكرة صحيحة عن الجنس.. هو الزواج فقط وليس أي شيء آخر.
وهنا ينشأ الطفل وقد بُرمج دماغه على الفطرة السليمة، وأن الزواج هو الطريق الذي يرضي الله تعالى، وأن أي ممارسة جنسية خارج إطار الزواج سوف تجلب غضب الله وعقوبته.
كما أن القرآن لم ينسَ عقوبة الزنا في الدنيا ليحذر الأطفال من مساوئ هذه الفاحشة، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 2]. إن هذا التحذير مهم جداً في تطوير نفسية الطفل وإنشاء جدار من الخوف لديه ضد ممارسة المحرمات، هذا الجدار سوف يحميه من مخاطر المستقبل وأمراض العصر.
وهكذا يحذر القرآن من جميع أنواع الفواحش.. ويعطي الطفل طريقة مثالية لعلاج المشاكل الأخرى من خلال التسامح.. فهي ثقافة جنسية مرفقة بثقافة التسامح، قال تعالى: (وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوَاحِشَ وَ إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]، ولذلك فإن هذه الآية وغيرها كثير، تحدث لدى الطفل مناعة ضد الزنا والفواحش فلا يقترب منها ولا يتأثر بالإباحية التي تغزو العالم اليوم، ويتعلم أن المغفرة والتسامح هو الطريق الأمثل لعلاج مشاكل العصر.
وهكذا فإن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يضمن لنا الحياة المستقرة بعيداً عن العنف والاضطرابات والأمراض النفسية والجنسية.. بعيداً عن الاكتئاب .. بعيداً عن ظاهرة الانتحار، ولكن بشرط أن نطبق ما جاء في هذا الدين الحنيف...
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
العنف الجنسي يدمر الغرب
بعد تزايد عدد حالات الاغتصاب وتكرار حوادث العنف الجنسي في الدول الغربية، وبعد ازدياد حالات زنا المحارم بشكل مرعب لدرجة أنك لا تكاد تجد فتاة في الدول الغربية لم تتعرض للاغتصاب أو العنف الجنسي أو التحرش على أقل تقدير.. وبالتالي يطالب عدد من علماء النفس بإدخال مقرر الثقافة الجنسية لأطفال المدارس، بهدف زيادة الوعي بمخاطر انتشار الزنا والتحذير من العواقب الوخيمة المتمثلة في انتشار الأمراض الجنسية المعدية بشكل مرعب لدى الشباب والفتيات..
ومن هنا بدأ بعض الباحثين المسلمين ينادون بضرورة إدخال منهج الثقافة الجنسية لتدريسه لأطفال المسلمين.. والمطالبة بتقليد الدول الغربية المتطورة على أمل أن يتطور المسلمون مثلهم.. وفي هذه المقالة سوف نلقي الضوء على أن أفضل مقرر للثقافة الجنسية نجده في القرآن الكريم.. ربما يعجب البعض من ذلك.. ولكن دعونا نتأمل كيف عالج القرآن هذه القضية.
الأطفال ومنذ نعومة أظفارهم ينشأون في البلاد الإسلامية – هكذا يفترض – على تعاليم القرآن وأحاديث النبي الكريم.. ومن المفترض أن يكبر الطفل المسلم وقد نشأ على الاستماع للقرآن الكريم حتى يكون مألوفاً بالنسبه له عندما يكبر..
لذلك تنمو الثقافة الجنسية لدى الطف المسلم من دون أن يشعر بذلك ويميز بين الحلال والحرام.. ويميز مخاطر الفاحشة والشذوذ الجنسي.. لذلك نجد أقل نسبة للشذوذ الجنسي في البلدان الإسلامية وذلك بفعل التعاليم القوية للقرآن والسنة..
مناهج التربية الجنسية
في الدول الغربية تقوم المناهج على الإلحاد والتطور.. فالإنسان ما هو إلا حيوان وُجد بالمصادفة على كوكب الأرض.. تطور عن قرد أو ما يشبه القرد واكتسب غريزة الجنس عبر ملايين السنين وبفعل التطور وبالتالي ليس هناك حلال أو حرام أو عقاب.. المصلحة هي التي تتحكم في ذلك، فإذا كان هناك ضرر من ممارسة الزنا فيجب التحذير منه، وإذا لم يكن هناك ضرر فلا مشكلة يمكنك أن تفعل ما تشاء!!
إن التحذير من الزنا فقط لتفادي الأمراض الجنسية، وليس لأنه شيء سيء بذاته.. وبالتالي كل الأبحاث والتحذيرات فشلت في منع الناس من ارتكاب جرائم الزنا والشذوذ الجنسي.. لأنه لا توجد عقوبة في الآخرة، وبالتالي يزدادون في جرائمهم وأفعالهم الفاحشة ولا يلتفتون لأقوال العلماء أو المفكرين.. وهذا هو واقع الدول غير الإسلامية اليوم.
الثقافة الجنسية في الغرب
تعتمد مقررات الثقافة الجنسية في الدول العلمانية أو الإلحادية على تعريف الأطفال بالأعضاء الجنسية وتشجيعهم على الحديث في مسائل الجنس والمتعة الجنسية ومواضع أخرى مثل الحمل والاغتصاب وتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن أي تعرض لعنف جنسي... وهكذا حتى يصبح الطف مهيأً لتقبل الزنا والشذوذ الجنسي ولكن بشرط ألا يحدث أي أضرار مادية أو معنوية.
في هذه المقررات، الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية تعتبر عملية طبيعية جداً وتُدرس على أنها خيار للإنسان إما أن يكون مختلف الجنس أو مثلي الجنس وهذه حرية شخصية.. وبالتالي فإن هذا يشجع الأطفال الصغار على تقبل أن تُفعل بهم الفاحشة.. وبالتالي نجد أكبر نسبة للمثليين في الدول الأكثر تطوراً والتي تُعنى بمثل هذه المقررات وتدرسها وتهتم بها.
ما يسمى بالتربية الجنسية في الغرب (وهي أبعد ما يكون عن التربية) تعتمد أساساً على كسر حاجز الخجل والحياء، وكما نعلم فإن الحياء هو أحد أسس الأخلاق الإسلامية حتى إن نبينا عليه السلام يقول: (الحياء من الإيمان)، ولذلك أول خطوة يقومون بها في هذه المناهج هي إثارة الغرائز لدى الطفل وجعل العمل الجنسي شيئاً مألوفاً بالنسبة له.. وهذا ما ينعكس سلبياً عليه عندما يكبر ليجد أن الزنا أصبح شيئاً اعتيادياً وطبيعياً ومألوفاً..
ولذلك فإن وضع هذه المقررات لم يحل المشكلة بل زادها تعقيداً.. ولم يحدّ من ممارسة الفاحشة بل زادت النسبة بصورة مرعبة.. وإليكم بعض الإحصائيات الحديثة للعنف الجنسي في هذه الدول المتقدمة:
حسب وزارة العدل الأمريكية فإن 300 ألف امرأة تُغتصب كل عام في أمريكا. مع العلم أن 54 % من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، وبالتالي فإن العدد الحقيقي أكثر بكثير...
احتمال اغتصاب أي امرأة في أمريكا تبلغ 20 %
أي فتاة تدخل الجامعة فإن احتمال أن يتم اغتصابها تبلغ 20 % - 25 % ...
تصوروا معي بلداً هو الأكثر تطوراً (الولايات المتحدة الأمريكية) فإنه كل دقيقتين هناك جريمة اغتصاب في مكان ما.. إن هذه النسبة تؤكد فشل الإلحاد والعلمانية في حماية المجتمع من هذه الظاهرة المدمرة.
في بلد هو الأكثر تطوراً نجد أن المرأة مهددة بالاغتصاب في أي لحظة وفي أي مكان.. فالإحصائيات الرسمية تؤكد أن 20 % من نساء أمريكا تعرضن للاغتصاب.. على الأقل مرة واحدة في حياتهن.
في أمريكا هناك من 25 – 30 % من الفتيات أصغر من 18 عاماً يتعرضن للعنف الجنسي.. كذلك هناك من 15-20 % من الذكور يتعرضوا للعنف الجنسي قبل سن 18 عاماً.. إنها نسبة مرعبة بالفعل (America Has an Incest Problem, 24-1-2013 - theatlantic.com ).. ولكن المفاجأة أن النسبة الغالبة من هذه الاعتداءات الجنسية تحدث ضمن الأسرة (أو ما يسمى بزنا المحارم).
ويؤكد المقال المنشور على موقع theatlantic أن هذه النسبة معروفة جيداً لدى المتخصصين الذين يؤكدون أن زنا المحارم أصبح ظاهرة تجتاح المجتمع الأمريكي والأوربي، ولكن نادراً ما يتم الحديث عنها لأنها ظاهرة مدمرة بالفعل...
فتأملوا معي الحال الذي وصلت إليه هذه المجتمعات المتطورة التي اتخذت من العلمانية والإلحاد أسلوباً لحياتها... فالحمد لله على نعمة الإسلام..
ولذلك فإن ما يسمى بالتربية الجنسية لديهم كانت وبالاً على الأطفال بدلاً من إنقاذهم...
الثقافة الجنسية في القرآن
أول ما يجده الطفل في القرآن من ثقافة جنسية هي الآيات التي تحذره من مخاطر الزنا.. (وَ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَ سَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].. إن هذه الآية تفعل مفعول السحر في الطفل، حيث يصبح لديه حذر شديد من الزنا، وبالطبع فإن الطفل يسأل أهله ما هو الزنا فيقوم الأهل بتعريفه بأنه شيء سيء عندما يقوم الرجل بالجلوس مع امرأة غير زوجته ويستمتع بها.. وهكذا يأخذ الطفل فكرة عن مخاطر الزنا وأنه من أسوأ الطرق التي يمكن أن يسلكها.
ولكن القرآن لا يترك الطف حائراً بل يعطيه الطريق الطبيعي وهو الزواج.. قال تعالى: (وَ مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].. فهذه الآية تحفز في دماغ الطفل تقبل الزواج كوضع طبيعي ورفض الزنا والشذوذ باعتباره مخالف للفطرة السليمة ويعرض من يرتكبه لغضب الله تعالى.
في القرآن الكريم، المثلية الجنسية هي جريمة خطيرة تخالف الفطرة وتجلب غضب الله، وعقوبته بأشد أنواع العذاب.. قال تعالى عن قوم لوط الذين كانوا يمارسون "المثلية" : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَ أَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) [هود: 82].. فهذه الآية تحدث ردة فعل قوية داخل الطفل فينشأ نشأة طبيعية متجنباً أي شهوات في المستقبل وبالتالي تكون هذه الآيات بمثابة وقاية للشاب من الانحراف، لأنه يدرك أن العقوبة أكبر بكثير مما يتصور.
حتى إن القرآن الكريم يعلمنا الطريقة الصحيحة للمعاشرة الزوجية من دون أن يخدش الحياء أو يأتي بألفاظ مثيرة للشهوة.. قال تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223]، هذه الآية تعطي الطفل فكرة عن أن المرأة بالنسبة للرجل هي بمثابة الأرض التي يزرعها فلا يلقي فيها إلا ما يحب.. لأن الأرض تعطي ما تزرعه فيها، وبالتالي فإن ماء الرجل هو شيء غالي ونفيس وليس رخيصاً فلا يضعه في أي مكان آخر.. بل يتجنب الزنا وينتظر حتى يكرمه الله بزوجة صالحة..
القرآن دائماً يضع عينيك على المستقبل.. يقول لك إن الممارسة الجنسية ليس متعة فقط، بل هناك هدف عظيم يشبه حراثة الأرض.. حيث إن الذي يحرث أرضه ويضع فيها البذور.. ليس هدفه مجرد وضع هذه البذور بل الانتظار حتى حصاد الموسم والاستفادة من المزروعات والثمار.. كذلك الهدف من العملية الجنسية هو إنجاب الذرية الصالحة...
هنا تعبير رائع في القرآن عن طريقة المعاشرة الزوجية بألفاظ رائعة تعلم الطفل الحياء والأدب واللباقة.. قال تعالى: (وَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].. تأملوا معي هذا الأسلوب الراقي: (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)، وهنا يفهم الطفل أن زواجه سيكون كما أمر الله، وأن الطهارة هي أساس هذا الزواج، لأن الله يحب المتطهرين.. وأن أي عادات سيئة في المعاشرة الزوجية محرمة (مثل الإتيان من الدبر..) وبالتالي يأخذ فكرة صحيحة عن الجنس.. هو الزواج فقط وليس أي شيء آخر.
وهنا ينشأ الطفل وقد بُرمج دماغه على الفطرة السليمة، وأن الزواج هو الطريق الذي يرضي الله تعالى، وأن أي ممارسة جنسية خارج إطار الزواج سوف تجلب غضب الله وعقوبته.
كما أن القرآن لم ينسَ عقوبة الزنا في الدنيا ليحذر الأطفال من مساوئ هذه الفاحشة، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 2]. إن هذا التحذير مهم جداً في تطوير نفسية الطفل وإنشاء جدار من الخوف لديه ضد ممارسة المحرمات، هذا الجدار سوف يحميه من مخاطر المستقبل وأمراض العصر.
وهكذا يحذر القرآن من جميع أنواع الفواحش.. ويعطي الطفل طريقة مثالية لعلاج المشاكل الأخرى من خلال التسامح.. فهي ثقافة جنسية مرفقة بثقافة التسامح، قال تعالى: (وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوَاحِشَ وَ إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37]، ولذلك فإن هذه الآية وغيرها كثير، تحدث لدى الطفل مناعة ضد الزنا والفواحش فلا يقترب منها ولا يتأثر بالإباحية التي تغزو العالم اليوم، ويتعلم أن المغفرة والتسامح هو الطريق الأمثل لعلاج مشاكل العصر.
وهكذا فإن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يضمن لنا الحياة المستقرة بعيداً عن العنف والاضطرابات والأمراض النفسية والجنسية.. بعيداً عن الاكتئاب .. بعيداً عن ظاهرة الانتحار، ولكن بشرط أن نطبق ما جاء في هذا الدين الحنيف...
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل