أخر الأخبار

مُدرّس غاني يحول السبورة إلى حاسوب لتدريس الطلاب! ومايكروسوفت تكرّمه

مُدرّس غاني يحول السبورة إلى حاسوب لتدريس الطلاب! ومايكروسوفت تكرّمه

مُدرّس غاني يحول السبورة إلى حاسوب لتدريس الطلاب! ومايكروسوفت تكرّمه

المعلم ضلع أساسي في العملية التعليمية، وركيزة أساسية فيها، والمعلم المبدع هو الفنان، والممثل الذي يمتلك أدوات تدريس مناسبة وفعّالة يأسر بها خيال طلابه، ليحول درسه من مجرد كلمات متناثرات إلى موقف إنساني مُشبع بالدفء، يصل عبره لعلاقات ناجحة ومستوى رفيع من الاتصال الشخصي مع الطلاب.

وعليه يتعين على المعلمين إيجاد طُرق مثيرة وأساليب جذابة لضمان حصول طلابهم على أقصى استفادة مُمكنة من دروسهم، ويتم ذلك عادةً من خلال إيجاد الوسائل التعليمية المثيرة للاهتمام، وإعداد خطط متعة للدروس التي تشكل تحديًا من حيث صعوبتها.

واليوم نعرض لكم نموذجًا رائعًا لمعلم غاني، رغم ضعف الإمكانيات والظروف الشاقة، إلّا أنّه يحاول إثارة عقول طلابه نحو التعليم بطريقته الخاصة، وبما يمتلكه من شغف كبير بالتدريس.

ومع أنّ الحاسوب يُعد الآن جزءًا رئيسيًا من المناهج الدراسية، فإنّ نقص المعدات في تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد أجبر العديد من المعلمين في بلاد العالم الثالث الفقيرة المُعدمة تمامًا، على إيجاد تدابير مبتكرة أخرى؛ لجعل طلابهم يفهمون الأمر.

للأسف، من الشائع في غانا أن تدرّس مادة ICT تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على Blackboard لوحة (سبورة) الفصل الدراسي، وذلك وفقًا لـ Pulse Ghana، فليس لديه أي معدات أو تجهيزات لتعليم مادة ICT؛ لعدم توفر الإمكانيات المادية الكافية في المدرسة، لشراء أجهزة حاسوب ليقوم بالتدريس عليها للطلبة.

ومع ذلك لم يفقد Owura Kwadwo – أوورا كوادوو، والذي يعمل معلمًا للحاسوب، بإحدى مدارس القرى النائية والمنعزلة الفقيرة في دولة غانا غربي القارة الأفريقية، شغفه بابتكار وسيلة تعليمية ارتجالية مُبدعة لحل مُشكلته المهنية العويصة، ألا وهي تدريس الحاسوب، بدون جهاز حاسوب!

وبدلًا من التخلي عن دوره، لجأ المعلم المُلهم المُجتهد “أوورا كوادوو” إلى الحيلة وموهبته في الرسم، واستغل أقل الإمكانيات البسيطة المتوافرة في المدرسة “الطباشير الملون” ولوحة الدرس السوداء (السبورة).

وراح يرسم عليها بشق الأنفس لقطةً كاملةً من نافذة برنامج معالجة الكلمات Microsoft Word، بكامل صورته وأجزائه وأدواته، وجميع علامات التبويب والأزرار المختلفة، كاتبًا شرحًا مُفصلًا عن كل جزء، وتفصيله فيه، مع توضيح ما يفعله، لتكون بذلك سبورة حاسوب.

حيث يحتاج طلابه في المرحلة الثانوية إلى اجتياز امتحان وطني، يتضمن أسئلة حول مادة ICTK ولكن المدرسة لم يكن لديها أي أجهزة حاسوب منذ عام 2011؛ من هُنا فكرة بسيطة نفذها ببراعة، عبر رسم ميزات الحاسوب والبرمجيات على السبورة، وذلك باستخدام الطباشير متعددة الالوان.

يُذكر أنّ هُناك دراسة أجريت عام 2015 بشأن كيفية تعليم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدارس الثانوية الغانية، أظهرت أوجه تفاوت في استخدام التكنولوجيا بين طلاب المدارس الحضرية والريفية.

ويبدو أنّ أسلوب أوورا كوادوو الارتجالي هذا يعمل بشكل جيد، حيث يستمتع الطلاب – وعددهم 100 طالب – بفصوله كثيرًا، وهم قادرون على التعلم بشكل فعّال، وسعداء بالرسم لأنّه قدم شرحًا وافيًا.

وقد قام كوادوو بمشاركة صور من تجربته في التدريس بالرسم لمادة ICT لطلبة المدرسة الثانوية في بلدة سيكيداداس، على حسابه الشخصي على فيسبوك، لتحقق المشاركة انتشارًا فيروسيًا كبيرًا.

بعدما فازت بقلوب العديد من المستخدمين، ونالت إشادةً غير عادية؛ وذلك بفضل طريقته غير العادية والمرتجلة في مُمارسة مهنة التعليم في مجتمع الريفي، التي تفتقر إلى أبسط الموارد الأساسية، مما جعله أفضل شيء متداول على شبكة الإنترنت الآن.


وفي حين أنّ معظم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أثنوا على المعلم؛ لتفانيه في تعليم طلابه بعفوية وارتجالية وتغلبه على العائق الكبير بعبقرية تسخير أبسط الإمكانيات لتحقيق أثر عظيم، ووصفوا جهوده في التدريس بأنّه أمر لا يصدق.

فقد أثارت هذه المُشاركة غضبه ومناقشات ساخنة جدًا في غانا، حول تساؤل لماذا في عام 2018، هُناك مدارس لا تزال بدون جهاز حاسوب؟! وطالب عدد كبير من المستخدمين من شركة مايكروسوفت التدخل بتقديم المُساعدة لهذا المعلم.

وتحدث أوورا كوادوو، والذي يعود أصله إلى مدينة كوماسي بغانا، إلى وسائل الإعلام عن تجاربه في تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجتمع الزراعة الريفية، الذي يفتقر إلى المعدات والموارد الأساسية لهذه المهمة، قائلًا:

“كل معلم لديه أسلوبه الخاص لتقديم موضوعه لطلابه. هذا أسلوبي. أفعل ذلك لجعل طلابي يفهمون ما أدرسه، أو على الأقل لإعطائِهم صورةً لما سيشهدونه على افتراض أنّهم جالسون فعلًا وراء جهاز حاسوب، وأقوم بالتأكد من أنّهم يفهمون كل شيء جيدًا قبل أن يغادروا الصف.”

كما أكد على أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يشرح مادة ICT على متن سبورة الفصل الدراسي، قائلًا:

“أنّي أفعل هذا في كل مرة أقوم فيها بشرح الدروس. لقد رسمت شاشات، وحدات النظام، لوحات المفاتيح، والماوس، شريط الأدوات والتنسيق، شريط أدوات الرسم، ومربع الحفظ، وهكذا.”

فيما صرح كوادوو بنفسه، بأنّه يعتقد أنّ الأمور تتحسن ببطء، قائلًا:

“إنّ الحكومة تحاول أن تجعل تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يتم بصورة أفضل للمدرسين والطلاب، وهذا يحدث في المدن الكبرى مثل أكرا وكوماسي، ولكن التقدم بطيء بشكل واضح في المجيء إلى المناطق الريفية، ونحن بحاجة إلى البنية التحتية المجهزة تجهيزًا جيدًا بوسائل التعليم والتعلّم.”.

وقد قال كوادوو لشبكة CNN:

“لقد أردت أن يعرفوا أو يروا كيف ستظهر النافذة اذا ما كانوا وراء جهاز حاسوب فعلًا، فدائمًا ما أرغب في إثارة اهتمامهم بالمادة الدراسية. لهذا، أفعل دائمًا أفضل ما عندي من أجلهم”.

الخبر الجيد أنّ المعلم كوادوو تلقى منذ نشر مُشاركته وانتشارها فيروسيًا عددًا كبير من عروض التبرعات بأجهزة حاسوب محمولة وأجهزة العرض، وهو نبأ عظيم للأطفال والمدرسة، وأوضح أنّه ممتن لأي مساعدة في سبيل تقديم تجربة تعليم أفضل لطلابه، كما أنّه يخطط أيضًا لمساعدة المدارس الأخرى في المنطقة، وقال:

“هناك العديد من المدارس التي تواجه نفس المشكلة. يمكنني أيضًا تقديم بعض التبرعات لهم؛ حتى يتمكنوا أيضًا من  تدريس الحاسوب.”

ومن بين مئات الأشخاص الذين تداولوا مشاركة كوادوو وساعدوا في الترويج لها، كانت Rebecca Enonchong – ريبيكا إينونشونغ، وهي رائدة أعمال، حثت شركة مايكروسوفت على تزويد كوادوو ببعض الأجهزة المناسبة حتى يتمكن من ترك السبورة، وقالت: “بالتأكيد يمكنكم تقديم بعض الموارد المناسبة”.


المُدهش في الأمر أنّ شركة Microsoft فور علمها بالقصة، قامت بنشر تغريدة لها على صفحتها الرسمية على موقع تويتر، ترد فيها على تغريدة إينونشونغ، وتعلن تزويد مدرسة أوورا كوادوو بكافة الأجهزة اللازمة، بهدف دعم المعلمين في تمكين التحول الرقمي في العملية التعليمية، مؤكدةً على أنّ هذا العمل هو جوهر ما تقوم به.


وتعتبر جهود المعلم الغاني أوورا كوادوو، والتزامه وتفانيه في العمل مثالًا جيدًا، حين يكون التعليم عشقًا وليس عملًا، وقدوةً حسنةً للمعلمين في البلدان النامية، حيث يتطلب أحيانًا بعض الارتجال لسد الثغرات التي لا تستطيع الحكومات سدها بسبب ضعف الإمكانيات.

وأخيرًا يبقى السؤال، لماذا لا نستطيع جميعًا أن نملك معلمين ومعلمات من هذا القبيل؟ ممن يمتلكون الشغف الحقيقي نحو التعليم وطريقه، وحب التدريس، ومُحاولة خدمة الطلبة، وتقديم يد العون لهم في حياتهم المدرسية، وتسهيل العملية التعليمية، وأساليب خلق التواصل مع الطلبة، وعليه يرجى مشاركة هذه القصة مع جميع المعلمين الذين تعرفهم!
(المصدر:أراجيك)

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-